البغاث . . . - جمعية مركز الإمام الألباني للدراسات والأبحاث

البغاث . . .

  • علي حسن الحلبي
  • 11/08/2018
  • 920

من مشهور أقوال العَرَب: «إنَّ البُغاث بأرضنا يستنسر»، يريدون بها -كما في «القاموس»-: (مَن جاورنا عزَّ بنا)، لما هم فيه من عِِزٍّ، وخيرٍ، وفَضْلٍ؛ إذ (البُغاث) -في الأصل- شرارُ الطير؛ بما لا يُلتفت -فيه- إليه، فلا يجتمع الصيدُ عليهِ! إلا بقربه ممّن لهم قيمةٌ، أو وزنٌ، أو ثِقَلٌ!!
ولقد كنّا نسمع -كثيراً- من شيخنا  أسد السنة الهُمام العلامة الإمام أبي عبدالرحمن محمد ناصر الدين الألباني -تغمده الله برحمـته- هـذه المقولـةَ على معنىً آخـر - يكررها دائماً- على وجه التواضعِ؛ لمّا يمدحُه أحدٌ، أو يُثني عليه أحد-، فإذا به يقول - والدّمعُ يملأ مآقيَهُ - أحياناً-: (إنّ البغاث بأرضنا يستنسر)؛ يُريدُ بذلك ضَعْفَ أحوال الناس، ونُدرةَ عُلمائهم؛ بما يجعلُ مَن ليس عالماً- في ضمن هذا الإطار- عالماً. . . وأيُّ عالم!!
ولئن كان شيخُنا الهُمام الإمام -تغمّده الله برحمته- يكرّر هذه الجملة- بحُرقةٍ، وعلى سبيلِ التواضع؛ فإنَّ معناها (الحقيقي) -فينا- منظورٌ واقع، ما له من دافع:
فكم مِن  بُغاث لضعفِنا يستنسر علينا؟!
وكم مِن بُغاثٍ لا وزن له يعلو بثقلِه فوقنا؟!!
وكـم مِن بُغاثٍ بُغاثٍ نستنجد منه - بعض الخلق- ولا نُغاث؟!
وكم من بُغاثٍ (يستأسِدُ) علينا؛ فوق الأرضِ، وعلى الأرض، وبالطولِ وبالعرض؟!
كم مِن بُغاثٍ ينقضُّ علينا؛ بهذيانهِ، وبهتانهِ، وصولجانهِ . . دونما برهانهِ؟!
. . . بل لقد اجتمعت (البغْثان) (1) -كلُّها- من شتّى الأنحاء، وبلا امتراء، على شرّها وشررِها؛ تنتظر قسمةَ الغنيمة، وتوزيعَ الإرثِ؛ كلٌّ بنصيبهِ، على حَسَب تبعيده أو تقريبه!!
ولكنْ؛ أنّى لهم ذلك؟! إنّه حُلْمٌ (لهم) جميل؛ لكنّه -في النهاية- كابوسٌ مزعجٌ ثقيل، ومزعجٌ جداً، سَرَعان ما يستيقظون منه؛ فإذا هم -على ما هم عليه- في قُمامات الدّنيا، وعلى مزابل التاريخ . . .
عاشوا على غير الحقّ . . وماتوا على ما عاشوا عليه . . .
عايشوا البدعة، والضلالةَ . . فوافَتْهُم المنيّةُ على ذلك . . .
عاشروا أهلَ الجهالة . . . فماتت قلوبُهم قبل الموت . . .
أمّا أهلُ الحقّ، والسنة، والعلم . . . فلن تضرَّهم فعائلُ (هؤلاء) وإن تنوّعت، ولن تَفُلَّهم جموعُ (أولئك) وإن كَثُرت . . .
وسيظلّون على ما هم عليه، عملاً دائباً، وعلماً رائداً، وهدياً قاصداً . . .
والبُغاث مهما استنسر، فهو بُغاث، لن يَعْدُوَ قَدْرَه . . . بُغاث الأحداث بالإحداث . . .
بُغاثٌ بُغاثٌ بُغاثٌ بُغاثْ  .......  من الشرِّ فيهم فَلَسْنا نُغاثْ . . .