الإجْلالُ والتَّعْظيم لِجَنابِ (صَحابةِ) رسُولنا الكريم - جمعية مركز الإمام الألباني للدراسات والأبحاث

الإجْلالُ والتَّعْظيم لِجَنابِ (صَحابةِ) رسُولنا الكريم

  • علي حسن الحلبي
  • 27/06/2018
  • 1015

سبق أن ذكرتُ في كتابي ((التنبيهات المتوائمة في الردّ على (رفع اللائمة)... )) (ص403) -قبلَ أكثرَ من عامٍ- كلمةً جامعةً قالَها أَحَدُ العُلماء المعاصرين -سدَّده اللهُ- في حُكم (الطعن في واحدٍ من الصحابةِ)؛ نصُّها :
 ((أطبق أهلُ الملَّةِ الإسلاميَّة على أنَّ الطعن في (واحدٍ) من الصحابةِ -رضي الله عنهم- زندقةٌ مكشوفةٌ)).
وعلّقتُ -ثمَّةَ- في الحاشيةِ- قائلاً- ردًّا على بعضِ المتربِّصين المترصِّدين- هداهم اللهُ -أجمعين-:
(ومن أشنع ما (بَلَغني) -وأبشعهِ!- ما ادَّعاه (بعضهم) عليَّ -أعوذ بالله- من أنني (أطعن!!!) في الصحابة -رضي الله عنهم-، وسخط الله على مُنتقصيهم-؛ (مستنبطاً) دعواه -هذه- وبانيَها- على قولٍ لي في رسالتي ((إحكام المباني)) (ص7-سنة 1412هـ!!!)؛ هذا نصُّه:
((أنَّ الأصل في التشريع هو ما ورد في القرآن الكريم، أو الأحاديث النبويَّة الصحيحة؛ فهُما أصل التشريع، ومنهما تُستقى الأحكام الشَّرعيّة، فلا شرع إلا ما ورد فيهما.
إذا عرفنا ذلك: نعرفُ أنَّ ما ورد عن الصحابة أو التَّابعين وصحَّ عنهم، ينبغي أن يُنظرَ فيه من وجهين:
الأول: إذا كان بفعله مُتابعاً للكتاب أو السنَّة: فهو مقبول.
الثاني: إذا كان بفعله مُخالفاً للكتاب أو السنَّة -أو محدثاً أمراً-: فهو لا يُقبل منه؛ لأنَّ التشريع -كما قرَّرنا- من أمر الله -سبحانه-، أو أمر رسوله صلى الله عليه وسلم ؛ إذ الشريعة كاملةٌ لا تَحتمل زيادة أو نقصاً، كما قال -تعالى-: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}).
أقول: هذا آخر كلامي -ثمّةَ- فأين هذا التحقيق العلمي العالي، من ذلك الادِّعاء الباطل القالي؟!
 {سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ}…
… ثمَّ إني أبرأ إلى الله -تعالى- مِن كلِّ ما نَبَا به لساني، أو طغا به قلمي؛ ممّا يُخالف بعضُ ظاهِره شيئاً من الحقِّ -صغيراً كان أم كبيراً-.
ورحم الله مَن أهدى إليَّ عيوبي؛ دون شماتةٍ وقحةٍ!! ومن غير تربُّصٍ ماكرٍ!!!
وأُكرِّرُ -الليلَ والنَّهار، السِّرَّ والجِهار- دعاء النبي المُختار صلى الله عليه وسلم: ((ربِّ اغفر لي خطيئتي وجهلي، وإسرافي في أمري -كُلِّه-، وما أنت أعلم به منِّي، اللهم اغفر لي خطاياي، وعمدي وجهلي وهزلي، وكلُّ ذلك عندي، اللهم اغفر لي ما قدَّمتُ وما أخَّرتُ، وما أسررتُ وما أعلنتُ، أنت المُقدِّم وأنت المؤخر، وأنت على كلِّ شيءٍ قدير)).
وأُضيفُ -الآن- بياناً علميّاً تفصيليّاً؛ نقلين عن عالمين جليلين؛ أحدهُما: متقدّم، والآخر: متأخّر:
أمّا الأول: فما نقله الإمام البيهقي في كتابه ((المدخل)) (ص109) عن الإمام الشافعي-رحمهما الله-: تحت باب (ذِكر أقاويل الصحابة إذا تفرّقوا) وهو قولُهُ:
 ((أقاويلُ الصحابةِ -إذا تفرَّقوا فيها- نصير إلى ما وافق الكتابَ والسنةَ، أو الإجماع -إذا كان أصحَّ في القياس-، وإذا قال الواحدُ منهم القولَ لا يُحفَظ عن غيره منهم فيه له موافقةٌ ولا خلافٌ: صرتُ إلى اتِّباع قولهِ إذا لم أجد كتاباً ولا سنة ولا إجماعاً ولا شيئاً في معناه يُحكم له بحكمه أو وُجد معه قياس)).
ونقله -مُقِرّاً ومؤيّداً- الإمام ابن القيِّم -رحمه الله- في كتابه القيِّم ((إعلام الموقّعين)) (5/551).
وأما الثاني: فهو كلامُ شيخنا الإمام الألباني -رحمه الله- في كتابه ((أحكام الجنائز)) (ص306- طبع مكتبة المعارف) -عند كلامه عن البدعة -وأنواعها- فكان مِن ضمنها:
 ((كُلُّ أمرٍ لا يُمكن أن يُشرَعَ إلا بنصٍّ أو توقيفٍ، ولا نَصَّ عليه، فهو بدعةٌ إلا ما كان عن صحابيٍّ، تكرَّر ذلك العَمَلُ منه دون نكيرٍ)).
وأقولُ -اليومَ-:
لقد جاءني -وهاتفني!- بعضُ الناس(!) مِمَّن تأثَّروا بدعوى ذلك المُبطل -الجريء!- ولا أدري كيف!!-، يسألونني رَأيي في كلامِ  أحد المشايخ له كلام موهم؟!
فكان جوابي الَّذي وضَّحتُهُ، وكرَّرتُهُ، وبيَّنتُهُ -ديناً نَدينُه، وحقًّا نرتضيه، ودفاعاً عن الحقِّ وأهلهِ، وحامليه- قولي:
إذا صَدَرتْ مثلُ هذه العبارةِ -حتى لو كانت بالصورة المشوَّهةِ التي نَقَلَها ذلك الدّعيّ المُدَّعي على حَسَبِ جهله وتصرِّفِه!- مِن طالبِ علمٍ -أو عالمٍ- صِفَتُهُ أنّه:
أ- سُنِّي سَلَفيّ.
ب- مُعظّم لجناب الصَّحابة الكِرام -رضي الله عنهم-.
ج- مُتأوِّل لفظَ الحديثِ -أو بعضَ معانيه- على هذا المعنى.
فـ:
لا يُعَدُّ هذا القولُ -على خطئه وغلطه!- ممَّن هذه صِفَتُه- سَبَّاً-؛ فضلاً عن أن يكون طعناً؛ وإلا كان ذلك الادِّعاء عليه -هكذا- فتحاً لبابٍ خطيرٍ مِن سوءِ الظنِّ، وتصيُّد الأخطاء، وتلقُّط المواقف -بين أهل السُّنَّة فيما بينَهم-؛ لِيَكونَ هذا سبيلاً مُشْرَعاً لتضخيم الخلاف، وتكبير الهُوَّة، وتعظيم الفُرقةِ...
وهذا أمرٌ لا يرتضيهِ عاقلٌ؛ ولا أقول: عالمٌ!
ومع ذلك:
فالأصل الذي لا محيدَ عنه -إجلالاً لمقام الصحابةِ، وتعظيماً لجنابهم الكريم- مجانبةُ هذه الألفاظ، والنَّأْيُ بالنفس عن الوُرود لهذه المضائق؛ فَجَنابُ الصحابةِ عظيم، ومكانتُهم عالية، ومنزلتُهم في القلوبِ جليلة -رضي اللهُ عنهم، وقاتل اللهُ منتَقصيهِم-.
وعليه؛ فإنَّ مثلَ هذه العبارةِ الصادرةِ عمن هذا حالُهُ -بأوصافهِ هذه- معدودةٌ مِن الخطأِ اللفظيِّ الجليّ -المَحْضِ-؛ الذي يَنْبَغي -حتماً- تركُه، ويجبُ -لزوماً- نَبذُهُ؛ حتى نقطعَ الطريقَ أمامَ كُلِّ رافضيٍّ خبيثٍ يُريدُ ضربَ أهل السنَّة، وكَيْ نُغلقَ الباب في وجهِ كُلِّ صاحبِ كيدٍ -مريضٍ- يَبْغي إثارةَ الفُرقةِ بين السَّلفيّين -علماءَ ودُعاةً-…
وقبل هذا وذاك:
ضَبطاً للعبارات، وتحريراً للألفاظ، وسَيراً على طريق العلم وأهلهِ -دقَّةً وتحقيقاً، تنبُّهاً وتمحيصاً -.
وإني لأُخاطبُ ضمائرَ(!) أولئك المتقوِّلين -إذا كان فيهم بقيةٌ مِن ضمير، أو وجدان-:
هل تقبلون أن تُعامَلوا بمثل ما به تُعامِلون مَن أنتم لهم مُتربِّصون، أو بهم مترصِّدون؟!
أين أنتم من قولِ نبيِّنا صلى الله عليه وسلم: ((لا يؤمن أحدكم حتى يُحبّ لأخيهِ ما يُحبُّ لنفسه مِن الخير))؟!
تذكَّروا  -يا هؤلاء!-ولا تتقوَّلوا- أنَّ كلامَنا -هذا- إنّما يتوجّه إلى سُنِّيٍّ سلفيٍّ يُخطئ؛ لا في حزبيٍّ بغيضٍ، ولا في عاميٍّ أحمق، ولا في تكفيريٍّ -أو قطبيٍّ- مُنفَلتِ!!
وإنِّي لأقول لهؤلاء المُتَقَوِِّّلين -الباغين للبُرآء العَنَتَ- أنفسِهم:
لو أنَّكم كنتم صادقين مَعَ أنفسكم (!) لَصَدَقْتُم مع غيركم؛ وقمتُم بما يُمليه عليكم واجبُ الشرع من النصيحةِ، والديانةِ، والأمانةِ… بدلاً مِن أن تسلكوا مسالكَ أهل البغي والبَهْت والخيانةِ؛ غِشًّا، وتلبيساً، وتمويهاً- تربُّصاً، وتصيُّداً- …
فأين أنتم -أين!- من قولِ ربكم: {بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ * وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ} .
ولقد أعجبني -جدًّا- كلامٌ لفضيلة الأستاذ الشيخ أبي محمد ربيع بن هادي المدخلي -أعلى الله مقامَه في الدارين- في بعض ((أجوبتهِ)) -الأخيرة- لمَّا قسَّم (مَن وقع في بدعةٍ) إلى أقسام، فذكر -جزاه الله خيراً- منها:
((مَن كان مِن أهل السنَّةِ، ومعروفاً بتحرِّي الحقِّ -ووقع في بدعةٍ خفيّةٍ-؛ فهذا:
إنْ كان قد مات: فلا يَجوزُ تبديعُه، بل يُذكَر بالخير.
وإن كان حيًّا: فيُناصَح ويُبيَّن له الحقّ، ولا يُتسرَّع في تبديعهِ، فإن أصرَّ: فيُبدَّع)).
قال شيخ الإسلام ابن تيمّية -رحمه الله-: ((وكثيرٌ من مُجتهدي السلفِ والخَلفِ قد قالوا وفعلوا ما هو بدعةٌ، ولم يعلموا أنه بدعةٌ، إمَّا لأحاديثَ ضعيفةٍ ظنُّوها صحيحةً، وإمَّا لآياتٍ فهموا منها ما لم يُرَدْ منها، وإمَّا لرأيٍ رأَوْهُ وفي المسألةِ نصوصٌ لم تبلُغهم. وإذا اتَّقى الرجلُ ربَّهُ -ما استطاع- دخلَ في قوله: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۚ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ۗ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ ۖ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا ۚ أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ [البقرة:286]، وفي الحديثِ: إنَّ الله قال: ((قد فعلتُ))، وبَسْطُ هذا له في موضع آخر)) [((معارج الوصول)): (ص43)].
وعلى كُلِّ حالٍ؛ لا يجوزُ إطلاقُ اشتراطِ إقامة الحُجَّة لأهل البدع عموماً، ولا نَفيُ ذلك -والأمر كما ذكرت-)).
أقولُ:
وهذا البيانُ الدقيقُ مِن فضيلتهِ -جزاه الله خيراً- يُؤَكِّدُ لزومَ مُجانبةِ مثل تلكم الألفاظ -يقيناً- وإنِ اخْتَلَفت في حُكمها أنظارُ العلماء-وذلك جمعاً للكلمةِ، وتوحيداً للصفِّ، فضلاً عن أصل تعظِيم الصحابة، والمحافظة على مكانتهم العليَّة.
ولئنِ اتَّفَقَتْ كلمةُ العُلماء -من بعد- على حُكم هذه الكلمةِ -أو تلك- فلا يَسَعُ أحداً الاستمرارُ بمخالفتهم! أو المُضِيُّ بالتمسُّك برأيه! -فليس هذا أمراً هيّناً، ولا سهلاً -مِن قبلُ ومِن بعدُ-؛ فتَنبَّهْ.
وحينئذٍ -وقد وَضَحَ الصُّبحُ لذي عينَين-؛فلا مجالَ أمام ذلك النَّفَر المتقوِّل بالسُّوء والبهت -على أهل العلمِ السلفيِّين، والدُّعاةِ الصادقين المصلحين- إلا أن يتراجع، ويُعلن التوبة على الملأ
- براءةً إلى الله، ونجاةً مِن عقاب الله-؛ فـ: ((الظُلم ظُلمات))…
فإن أصرَّ هؤلاء المتقوِّلون -جمعاً أو تفريقاً- على الاستمرار في هذا البهتان، والمضيّ في هذا الهَذَيان؛ فلن يجدونا قائلين لهم -وفاعلين معهم- إلا ما واجَهَ به عَدَدٌ  مِن الصحابةِ الكِرام -رضي الله عنهم- بعضَ مَن بَهتُوهم، وافترَوْا عليهم، وأساؤوا إليهم:
فها هو سعدُ بن أبي وقاص -رضي الله عنه- كما في -((الصحيحين))- يدعُو على مَن غَمَزَ بعدالتهِ وقِسمتهِ -رضي الله عنه- بدعاءٍ عظيمٍ عظيم -عليه-.
مع أنه -رضي الله عنه- لم يُتَّهم بعقيدةٍ ضالَّةٍ؛ أنَّه -مثلاً- مُرجئ! -وهو من ذلك بريء- ولم يُتَّهم -كذلك- بدينه؛ أنَّه -مثلاً- يَسُبُّ الصحابة الأجلَّة الأعيان!!
فكيف -باللهِ- لو كان؟!
فإنِّي أُخَوِّف هؤلاء -وأولئك- بالله -جلَّ في عُلاه، وعَظُم في عالي سماه- إنْ كانوا منه -سبحانه- يخافون، أو له يرجُون -أن يتوبوا ويؤوبوا؛ قَبل أن أدعُوَ عليهم -واللهِ- بدعاءِ هذا الصحابي الجليل -على المُفتري عليه بسيِّئ الأقاويل-؛ وهو قولُه -رضوان الله عليه-:
((اللهُمّ إن كان عبدُك هذا كاذباً: فأطِل عُمُرَه.. وأطِل فَقْره… وعَرِّضْه للفِتَن)).
ومثلُه -أيضاً- ما رواه مسلمٌ -وأصله في ((الصحيحين)) -عن سعيد بن زيد- رضي الله عنه- لمَّا ادَّعت عليه امرأةٌ (أنه أخذ شيئاً مِن أرضها)؛ فدعا عليها -رضوان الله عليه- بِقوله:
((اللهم إن كانت كاذبة: فَعَمِّ بصرها. واقتُلْها في أرضها)).
… فهل هم سيُصِرُّون، ويستكبرون؟!
أم أنَّهم سيقبلون؟! ويرجعون، ويتراجعون؟!
هذا ما أرجوه (لهم) -واللهِ- أيها الصالِحون المصلحون. . .
فـ: المؤمنون عذَّارون، والمُنافقون عثَّارون!
وأختُمُ كلامي -هذا- بتلكم النصيحةِ الغاليةِ -العزيزةِ-التي خَتَم بها فضيلةُ الشيخ ربيع بن هادي المدخلي -نفع الله بعلومه- ((أجوبتَه))- المتقدّم ذكرُ طرفٍ منها-؛ حيث قال -جزاه الله خيراً-:
 ((نصيحتي لطلابِ العلمِ، أنْ يعتصموا بالكتابِ والسنةِ، وأن ينضبطوا بمنهجِ السلفِ في كُلِّ ناحيةٍ مِن نواحي دينهم؛ وبخاصة في بابِ التكفيرِ والتفسيقِ والتبديعِ؛ حتى لا يكثُرَ الجدال والخصام في هذه القضايا.
وأُوصي الشبابَ السلفيَّ -خاصةً- بأن يجتنبوا الأسبابَ التي تثير الأضغان والاختلاف والتفرقَ، والأمور التي أبغضها اللهُ وحذّر منها، وحذّر منها الرسولُ الكريمُ صلى الله عليه وسلم ، والصحابةُ الكرامُ، والسلفُ الصالحُ، وأن يجتهدوا في إشاعة أسباب المودّة والأُخوَّة فيما بينهم، والأمور التي يحبها الله ويحبها رسوله صلى الله عليه وسلم)).
أقولُ:
فأين المتجاوبون مع كلامهِ؟!
وأين المؤتلفون مع قصدهِ ومرامهِ؟!
والواجبُ الحتمُ على كُلِّ من استجابَ لداعي الحقِّ -قَلْباً وقالَباً-أن يستعيذ بربِّهِ -تعالى- مِن شرِّ نفسه، ومن شرِّ الشيطان -وجُندهِ-.
وأمَّا مَن وجد لذاته(!) مَلْجَأً غَيْر رَبِّه، و(شمَّر) لداعي هواه ساعدَه: فَلْيتُب إلى ربِّه، ولْيُنِب إلى مولاه… فكيف -بالله- إذا كان (مُعاذُه) ذاك -في كُمِّهِ!- (عقرباً)؟! فلا نجاة لَهُ -وربِّكَ-إلا باتِّخاذ مركب الحقِّ له مَهْرَباً . . .
وإلا؛ فالمصيبةُ -واللهِ- أدهى وأمرّ…
ونهايتُهُ -إذاً- من ذاته! -وعلى يَدِ نفسهِ!- بلا مفرّ…  
وليس لي -بَعدُ- إلا أن أدعُو -لنفسي، ولأهل الحقِّ- أينما كانوا- بدُعاء رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم؛ لمَّا قال:
((يا وليَّ الإسلام وأهلِه: مسِّكْني الإسلامَ حتى ألقاك عليه)) [((سلسلة الأحاديث الصحيحة)) (1476)].
وبعدُ:
فإنِّي أُنْهي كَلمتي بتكرار عين ما أبتدأتُ بِه -اعترافاً وتضرُّعاً-:
 ((إني أبرأ إلى الله -تعالى- من كلِّ ما نبا به لساني، أو طغا به قلمي؛ ممّا يُخالف بعضُ ظاهرهِ شيئاً من الحقِّ - صغيراً كان أم كبيراً-.
ورحم الله من أهدى إليَّ عيوبي؛ دون شماتةٍ وقحةٍ!! ومن غير تربُّصٍ ماكرٍ!!!
وأُكرِّرُ -الليلَ والنَّهار، السِّرَّ والجِهار- دعاء النبي المُختار صلى الله عليه وسلم -: ((ربِّ اغفر لي خطيئتي وجهلي، وإسرافي في أمري -كُلِّه-، وما أنت أعلم به منِّي، اللهم اغفر لي خطاياي، وعمدي وجهلي وهزلي، وكلُّ ذلك عندي، اللهم اغفر لي ما قدَّمتُ وما أخَّرتُ، وما أسررتُ وما أعلنتُ، أنت المُقدِّم وأنت المؤخر، وأنت على كلِّ شيءٍ قدير)).
والحمد لله ربِّ العالمين، والعاقبة للمتقين -ولو بَعْدَ حين-.